فصل: حكم الغسل في الماء الراكد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.مقدار المسح على الجبيرة:

المسح على الجبيرة يعمّها كلها من جميع الجهات؛ لأن الأصل أن البدل له حكم المبدل منه، ما لم ترد السنة بخلافه، والمسح بدل الغسل، والغسل يجب أن يعم العضو كله، فكذلك المسح.
وأما المسح على الخفين فهو رخصة، وقد وردت السنة بجواز الاكتفاء بمسح بعضه.

.4- باب الغسل:

الغسل: هو التعبد لله بغسل جميع البدن بالماء الطهور على وجه مخصوص.

.حكم الغسل:

الغسل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الغسل الواجب.. الغسل المسنون.. الغسل المباح.
فيجب الغسل على الإنسان فيما يلي:
خروج المني دفقاً بلذة من رجل أو امرأة، استمناء، أو جماعاً، أو احتلاماً.. جماع الرجل زوجته ولو لم ينزل.. إذا مات المسلم إلا من قُتل في سبيل الله.. إذا أسلم الكافر.. خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة.
ويسن الغسل للإنسان فيما يلي:
الغسل يوم الجمعة.. الغسل للإحرام بالحج أو العمرة.. الغسل عند دخول مكة.. الغسل لكل جماع.. الغسل لمن غسّل الميت.. الغسل للنظافة.. الغسل في عيد الفطر والأضحى.. الغسل لمن دفن قريبه المشرك.. الغسل لمن أفاق من إغماء، أو جنون.. الغسل للوقوف بعرفة.
والغسل المباح كالغسل للتبرد، والسباحة في الماء لمجرد الأنس والمرح.

.مقدار ماء الغسل:

السنة أن يغتسل الإنسان بالصاع إلى خمسة أمداد.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ، أوْ كَانَ يَغْتَسِلُ، بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأ بِالمُدِّ. متفق عليه.
فإن دعت الحاجة إلى الزيادة على القدر السابق كثلاثة آصع ونحوها جاز، ولا يجوز الإسراف في ماء الوضوء والغسل.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يَغْتَسِلُ فِي القَدَحِ، وَهُوَ الفَرَقُ، وَكُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا وَهُوَ فِي الإنَاءِ الوَاحِدِ. متفق عليه.
الفَرَق ثلاثة آصع.. والصاع أربعة أمداد.. والمد نصف لتر تقريباً.

.مكان الغسل:

يجوز للإنسان أن يغتسل في مياه العيون والأنهار والبحار.. ويجوز له الاغتسال والوضوء في الحمامات الموجودة الآن في المنازل والمباني.
ويكره له الاغتسال في المراحيض المعدة لقضاء الحاجة فقط؛ لأن أرضها طينية لينة يستقر فيها البول، ولأنها محل النجاسات، والغسل فيها يؤدي إلى الوسواس، فالأفضل والأحسن أن يغتسل ويتوضأ في غير المكان الذي يبول فيه.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». أخرجه أبو داود والنسائي.

.حكم الغسل في الماء الراكد:

لا يجوز للإنسان أن يبول في الماء الراكد كمياه الخزانات، والمسابح، والغدران ونحوها.. ولا يجوز له أن يغتسل من الجنابة في ماء راكد غير جار.. ولا يجوز له البول في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه.
فهذه ثلاث محرمات.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ: «لا يَغْتَسِلْ أحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ». فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قال: يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلاً. أخرجه مسلم.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَبُلْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لا يَجْرِي، ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنْهُ». متفق عليه.

.حكم التعري أثناء الغسل:

إذا اغتسل الانسان وحده في الخلوة جاز له التعري، ولكن التستر أفضل ولو كان وحده، فيغتسل وهو ساتر لعورته، فالله أحق أن يُستحيا منه من الناس.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «بَيْنَا أيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً، فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قال: بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ». أخرجه البخاري.
ويجب على المسلم أن يغتسل في مكان لا يرى الناس فيه عورته، ويحرم عليه التعري أمام الناس.
عَنْ يَعْلَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بالبَرَازِ بلاَ إِزَارٍ فَصَعَدَ المِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثنَى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِر». أخرجه أبو داود والنسائي.

.سنن الغسل:

الوضوء قبله.. وإزالة الأذى.. وإفراغ الماء على الرأس ثلاثاً.. والتيامن.

.صفة الغسل المجزئ:

للغسل صفتان:
صفة مجزئة.. وصفة كاملة مستحبة.
فالغسل المجزئ أن ينوي بقلبه الغسل، ثم يعم بدنه كله بالغسل مرة واحدة.

.صفة الغسل الكامل:

أن ينوي الغسل.. ثم يغسل يديه ثلاثاً.. ثم يغسل فرجه وما لوّثه.. يُفرغ الماء بيمينه، ويغسل بشماله.. ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً.. ثم يفيض على رأسه ثلاثاً.. ويخلل بأصابعه أصول شعر رأسه.. ثم يفيض الماء على جسده مرة واحدة مبتدءاً بالأيمن.. ولا يسرف في الماء.. وإن كان المكان غير نظيف تحوّل من مكانه وغسل قدميه.

.صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم:

عَنْ مَيْمُونَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أدْنَيْتُ لِرَسُولِ غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ أفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكاً شَدِيداً، ثُمَّ تَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ أفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أتَيْتُهُ بِالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ. متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أصَابِعَهُ فِي المَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ. متفق عليه.

.صفة غسل من كرر الجماع:

من كرر الجماع فله ثلاث حالات:
الأولى: يجوز للمسلم أن يأتي أهله مرات، أو يطوف على نسائه، ثم يغتسل غسلاً واحداً بعد ذلك.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. متفق عليه.
الثانية: أن يتوضأ قبل أن يعاود الجماع، وهي أفضل من الأولى.
عَنْ أبِي سَعِيد الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ: «إِذَا أتَى أحَدُكُمْ أهْلَهُ، ثُمَّ أرَادَ أنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ». أخرجه مسلم.
الثالثة: أن يغتسل بعد كل جماع، وهي أفضل مما سبق.
عَنْ أَبي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ ذاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ الله! أَلاَ تَجْعَلُهُ غُسْلاً وَاحِداً؟ قَالَ: «هَذا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ». أخرجه أبو داود.
وغسل المرأة كالرجل.. ويجزئ غسل واحد عن حيض وجنابة، أو عن جنابة وجمعة ونحو ذلك.. ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويستحب ذلك في الغسل من الحيض والنفاس.

.حكم الوضوء قبل الغسل:

السنة أن يتوضأ المسلم وضوءه للصلاة قبل الغسل، فإن اغتسل ولم يتوضأ قبله، أو أتى بالوضوء قبل الغسل، فإنه لا يشرع له الوضوء بعد الغسل، ويدخل الوضوء في الغسل.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ، وَتَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ. متفق عليه.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ سَألُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّ أرْضَنَا أرْضٌ بَارِدَةٌ، فَكَيْفَ بِالغُسْلِ؟ فَقَالَ: «أمَّا أنَا، فَأفْرِغُ عَلَى رَأْسِي ثَلاثاً». أخرجه مسلم.

.حكم الوضوء بعد الغسل:

إذا اغتسل المسلم، فعم جميع بدنه بالماء، وتمضمض واستنشق، ولم يتوضأ، أو أتى بالوضوء قبل الغسل، فلا يشرع له الوضوء بعد الغسل، إلا إذا أتى بناقض من نواقض الوضوء.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَصَلاَةَ الغَدَاةِ وَلاَ أَرَاهُ يُحْدِث وُضُوءاً بَعْدَ الغُسْلِ. أخرجه أبو داود والترمذي.

.حكم غسل المحتلم:

إذا استيقظ النائم فوجد بللاً فله ثلاث حالات:
أن يتيقن أنه مني، فيجب عليه الغسل.
أن يتيقن أنه ليس بمني، فحكمه حكم البول، فيغسل ما أصابه منه.
أن يجهل الحال، فإن ذكر أنه احتلم فعليه الغسل، وإن لم يذكر فهو مذي حكمه حكم البول.
عَنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ فَهَلْ عَلَى المَرْأةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ: «نَعَمْ، إِذَا رَأتِ المَاءَ». فَقَالَتْ أمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ الله! وَتَحْتَلِمُ المَرْأةُ؟ فَقَالَ: «تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا». متفق عليه.

.حكم غسل الرجل مع زوجته:

يجوز للرجل أن يغتسل مع زوجته في مكان واحد، ولو رأى كل منهما عورة الآخر.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ: الفَرَقُ. متفق عليه.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةَ، كَانَا يَغْتَسِلانِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ. متفق عليه.

.كيف ينام الجنب؟:

السنة أن يغتسل الإنسان بعد الجماع، ويجوز أن ينام الإنسان وهو جنب.
ومن أراد أن ينام وهو جنب فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة قبل الأكل أو النوم، وهذه أعلاها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأ لِلصَّلاةِ. متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ، إِذَا كَانَ جُنُباً، فَأرَادَ أنْ يَأْكُلَ أوْ يَنَامَ، تَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ. متفق عليه.
الثانية: أن يتوضأ إذا أراد النوم، ويغسل يديه بدون وضوء إذا أراد أن يأكل أو يشرب.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ إِذا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ، وَإِذا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ، قَالَتْ: غَسَلَ يَدَيْهِ. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي.
وفي لفظ: «وَإذا أرَادَ أنْ يَأكُل وَهُوَ جُنبٌ غَسلَ يَدَيْهِ». أخرجه أبو داود.
الثالثة: أن ينام دون أن يمس ماء، وهذه أدناها.
والأفضل للمسلم ألا ينام حتى يغتسل أو يتوضأ.

.حكم خروج الجنب إلى السوق وغيره:

يجوز للجنب أن يخرج إلى السوق، ويحلق رأسه، ويقلم أظفاره، وإن لم يتوضأ.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ وَأنَا جُنُبٌ، فَأخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أيْنَ كُنْتَ يَا أبَا هِرٍّ». فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ الله يَا أبَا هِرٍّ، إنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ». متفق عليه.

.صفة غسل من به جراحة:

من كانت به جراحة وهو جنب، وخاف إن اغتسل أن يهلك، أو يزيد مرضه، أو يتأخر برؤه فإنه يتيمم.

.حكم من اغتسل ثم خرج منه الماء:

من اغتسل ثم خرج منه المني بدون تدفق ولا شهوة، فلا يعيد الغسل، لكن يجب عليه غسله، والوضوء إذا أراد الصلاة.

.حكم غسل يوم الجمعة:

غسل الجمعة سنة مؤكدة على كل مسلم تجب عليه صلاة الجمعة، ويجب على من به رائحة كريهة تؤذي المصلين والملائكة، ومن ترك الغسل ممن به رائحة كريهة فصلاته صحيحة، لكنه قصَّر في واجب الغسل.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». متفق عليه.

.وقت غسل الجمعة:

يبدأ وقت الغسل يوم الجمعة من طلوع فجر يوم الجمعة، ويمتد إلى قبيل أداء صلاة الجمعة، ويستحب تأخير الغسل إلى قبيل الرواح إلى صلاة الجمعة.
عَنْ عَبْدِالله بنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «إِذَا أرَادَ أحَدُكُمْ أنْ يَأْتِيَ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». متفق عليه.

.صفة غسل الجمعة:

غسل الجمعة كغسل الجنابة.. لكن يحسن للمغتسل يوم الجمعة المبالغة في نظافة جسده، ويسن للرجل استعمال الطيب بعد الغسل.
عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى». أخرجه البخاري.

.غسل الحيض والنفاس:

يجب على المرأة إذا طهرت من الحيض أو النفاس أن تغتسل.
والنفاس: هو الدم الخارج من قُبُل المرأة بعد الولادة، وهو كالحيض في وجوب الغسل منه بعد انقطاعه.
ودم النفاس هو دم الحيض، لكنه في مدة الحمل يقلبه الله غذاءً للولد، فإذا خرج الولد خرج الدم لعدم مصرفه، وسمي نفاساً.
قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [222]} [البقرة: 222].
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إنِّي امْرَأةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أطْهُرُ، أفَأدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ: «لا، إنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ، وَإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي». متفق عليه.

.حكم مَنْ تعذَّر عليه الغسل:

الجنب إذا تعذر عليه الغسل لفقد الماء، أو تضرر باستعماله تيمم، فإذا وجد الماء اغتسل، ولا يعيد ما صلى بالتيمم.
والمرأة إذا عَدِمت الماء وهي جنب، أو خافت من استعماله مرضاً، أو تأخر برء، غسلت موضع الدم، أو مسحته بشيء طاهر وتيممت.
فإذا زال موجب التيمم اغتسلت.

.صفة الغسل من الحيض والنفاس:

هو كغسل الجنابة في الصفة.. إلا أنه يستحب فيه ما يلي:
نقض الشعر عند الغسل.. الغسل بماء وسدر أو نحوهما.. دلك الرأس دلكاً شديداً.. مسح الفرج بقطعة فيها مسك لإزالة الرائحة الكريهة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ أسْمَاءَ سَألَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقَالَ: «تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكاً شَدِيداً، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا». فَقَالَتْ أسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ الله! تَطَهَّرِينَ بِهَا». فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أثَرَ الدَّمِ، وَسَألَتْهُ عَنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: «تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا المَاءَ». متفق عليه.

.حكم الكلام أثناء الوضوء والغسل:

يجوز الكلام أثناء الوضوء والغسل.
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتَ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ عَامَ الفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقال: «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ: أنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أبِي طَالِبٍ، فَقال: «مَرْحَباً بِأُمِّ هَانِئٍ». متفق عليه.

.طهارة المسلم:

المسلم طاهر.. والمشرك نجس.. والمؤمن لا ينجس مطلقاً.. لكن ينتقض وضوءه الشرعي إذا أحدث.. أو أصابته الجنابة.. أو أصاب الحيض أو النفاس المرأة.. فيلزمه إذا أراد الصلاة أن يتوضأ من الحدث.. ويغتسل من الجنابة للصلاة والطواف.. وتغتسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو النفاس للصلاة والطواف.. وما سوى ذلك فالأصل في المؤمن الطهارة.. فلا يُمنع من شيء إلا بدليل.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ المَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «أيْنَ كُنْتَ يَا أبَا هُرَيْرَةَ». قال: كُنْتُ جُنُباً، فَكَرِهْتُ أنْ أجَالِسَكَ وَأنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ الله إنَّ المُسْلِمَ لا يَنْجُسُ». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قال لِي رَسُولُ: «نَاوِلِينِي الخُمْرَةَ مِنَ المَسْجِدِ». قَالَتْ فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ». أخرجه مسلم.